بَابُ دُخُولِ الصُّوفِیَّةِ عَلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ ع وَ احْتِجَاجِهِمْ عَلَیْهِ فِیمَا یَنْهَوْنَ النَّاسَ عَنْهُ مِنْ طَلَبِ الرِّزْقِ
1- عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ قَالَ دَخَلَ سُفْیَانُ الثَّوْرِیُّ عَلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ ع فَرَأَی عَلَیْهِ ثِیَابَ بِیضٍ کَأَنَّهَا غِرْقِئُ الْبَیْضِ فَقَالَ لَهُ إِنَّ هَذَا اللِّبَاسَ لَیْسَ مِنْ لِبَاسِکَ فَقَالَ لَهُ اسْمَعْ مِنِّی وَ عِ مَا أَقُولُ لَکَ فَإِنَّهُ خَیْرٌ لَکَ عَاجِلًا وَ آجِلًا إِنْ أَنْتَ مِتَّ عَلَی السُّنَّةِ وَ الْحَقِّ وَ لَمْ تَمُتْ عَلَی بِدْعَةٍ أُخْبِرُکَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص کَانَ فِی زَمَانٍ مُقْفِرٍ جَدْبٍ فَأَمَّا إِذَا أَقْبَلَتِ الدُّنْیَا فَأَحَقُّ أَهْلِهَا بِهَا أَبْرَارُهَا لَا فُجَّارُهَا وَ مُؤْمِنُوهَا لَا مُنَافِقُوهَا وَ مُسْلِمُوهَا لَا کُفَّارُهَا فَمَا أَنْکَرْتَ یَا ثَوْرِیُّ فَوَ اللَّهِ إِنَّنِی لَمَعَ مَا تَرَی مَا أَتَی عَلَیَّ مُذْ عَقَلْتُ صَبَاحٌ وَ لَا مَسَاءٌ وَ لِلَّهِ فِی مَالِی حَقٌّ أَمَرَنِی أَنْ أَضَعَهُ مَوْضِعاً إِلَّا وَضَعْتُهُ قَالَ فَأَتَاهُ قَوْمٌ مِمَّنْ یُظْهِرُونَ الزُّهْدَ وَ یَدْعُونَ النَّاسَ أَنْ یَکُونُوا مَعَهُمْ عَلَی مِثْلِ الَّذِی هُمْ عَلَیْهِ مِنَ التَّقَشُّفِ فَقَالُوا لَهُ إِنَّ صَاحِبَنَا حَصِرَ عَنْ کَلَامِکَ وَ لَمْ تَحْضُرْهُ حُجَجُهُ
الکافی ج : 5 ص : 66
فَقَالَ لَهُمْ فَهَاتُوا حُجَجَکُمْ فَقَالُوا لَهُ إِنَّ حُجَجَنَا مِنْ کِتَابُ اللَّهِ فَقَالَ لَهُمْ فَأَدْلُوا بِهَا فَإِنَّهَا أَحَقُّ مَا اتُّبِعَ وَ عُمِلَ بِهِ فَقَالُوا یَقُولُ اللَّهُ تَبَارَکَ وَ تَعَالَی مُخْبِراً عَنْ قَوْمٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِیِّ ص وَ یُؤْثِرُونَ عَلی أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ کانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَ مَنْ یُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِکَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ فَمَدَحَ فِعْلَهُمْ وَ قَالَ فِی مَوْضِعٍ آخَرَ وَ یُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلی حُبِّهِ مِسْکِیناً وَ یَتِیماً وَ أَسِیراً فَنَحْنُ نَکْتَفِی بِهَذَا فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْجُلَسَاءِ إِنَّا رَأَیْنَاکُمْ تَزْهَدُونَ فِی الْأَطْعِمَةِ الطَّیِّبَةِ وَ مَعَ ذَلِکَ تَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْخُرُوجِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ حَتَّی تَمَتَّعُوا أَنْتُمْ مِنْهَا فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع دَعُوا عَنْکُمْ مَا لَا تَنْتَفِعُونَ بِهِ أَخْبِرُونِی أَیُّهَا النَّفَرُ أَ لَکُمْ عِلْمٌ بِنَاسِخِ الْقُرْآنِ مِنْ مَنْسُوخِهِ وَ مُحْکَمِهِ مِنْ مُتَشَابِهِهِ الَّذِی فِی مِثْلِهِ ضَلَّ مَنْ ضَلَّ وَ هَلَکَ مَنْ هَلَکَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَقَالُوا لَهُ أَوْ بَعْضِهِ فَأَمَّا کُلُّهُ فَلَا فَقَالَ لَهُمْ فَمِنْ هُنَا أُتِیتُمْ وَ کَذَلِکَ أَحَادِیثُ رَسُولِ اللَّهِ ص فَأَمَّا مَا ذَکَرْتُمْ مِنْ إِخْبَارِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِیَّانَا فِی کِتَابِهِ عَنِ الْقَوْمِ الَّذِینَ أَخْبَرَ عَنْهُمْ بِحُسْنِ فَعَالِهِمْ فَقَدْ کَانَ مُبَاحاً جَائِزاً وَ لَمْ یَکُونُوا نُهُوا عَنْهُ وَ ثَوَابُهُمْ مِنْهُ عَلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ ذَلِکَ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَ تَقَدَّسَ أَمَرَ بِخِلَافِ مَا عَمِلُوا بِهِ فَصَارَ أَمْرُهُ نَاسِخاً لِفِعْلِهِمْ وَ کَانَ نَهَی اللَّهُ تَبَارَکَ وَ تَعَالَی رَحْمَةً مِنْهُ لِلْمُؤْمِنِینَ وَ نَظَراً لِکَیْلَا یُضِرُّوا بِأَنْفُسِهِمْ وَ عِیَالَاتِهِمْ مِنْهُمُ الضَّعَفَةُ الصِّغَارُ وَ الْوِلْدَانُ وَ الشَّیْخُ الْفَانِی وَ الْعَجُوزُ الْکَبِیرَةُ الَّذِینَ لَا یَصْبِرُونَ عَلَی الْجُوعِ فَإِنْ تَصَدَّقْتُ بِرَغِیفِی وَ لَا رَغِیفَ لِی غَیْرُهُ ضَاعُوا وَ هَلَکُوا جُوعاً فَمِنْ ثَمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص خَمْسُ تَمَرَاتٍ أَوْ خَمْسُ قُرَصٍ أَوْ دَنَانِیرُ أَوْ دَرَاهِمُ یَمْلِکُهَا الْإِنْسَانُ وَ هُوَ یُرِیدُ أَنْ یُمْضِیَهَا فَأَفْضَلُهَا مَا أَنْفَقَهُ الْإِنْسَانُ عَلَی وَالِدَیْهِ ثُمَّ الثَّانِیَةُ عَلَی نَفْسِهِ وَ عِیَالِهِ ثُمَّ الثَّالِثَةُ عَلَی قَرَابَتِهِ الْفُقَرَاءِ ثُمَّ الرَّابِعَةُ عَلَی جِیرَانِهِ الْفُقَرَاءِ ثُمَّ الْخَامِسَةُ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ هُوَ أَخَسُّهَا أَجْراً
الکافی ج : 5 ص : 67
وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِلْأَنْصَارِیِّ حِینَ أَعْتَقَ عِنْدَ مَوْتِهِ خَمْسَةً أَوْ سِتَّةً مِنَ الرَّقِیقِ وَ لَمْ یَکُنْ یَمْلِکُ غَیْرَهُمْ وَ لَهُ أَوْلَادٌ صِغَارٌ لَوْ أَعْلَمْتُمُونِی أَمْرَهُ مَا تَرَکْتُکُمْ تَدْفِنُوهُ مَعَ الْمُسْلِمِینَ یَتْرُکُ صِبْیَةً صِغَاراً یَتَکَفَّفُونَ النَّاسَ ثُمَّ قَالَ حَدَّثَنِی أَبِی أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ ابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ الْأَدْنَی فَالْأَدْنَی ثُمَّ هَذَا مَا نَطَقَ بِهِ الْکِتَابُ رَدّاً لِقَوْلِکُمْ وَ نَهْیاً عَنْهُ مَفْرُوضاً مِنَ اللَّهِ الْعَزِیزِ الْحَکِیمِ قَالَ وَ الَّذِینَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ یُسْرِفُوا وَ لَمْ یَقْتُرُوا وَ کانَ بَیْنَ ذلِکَ قَواماً أَ فَلَا تَرَوْنَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَکَ وَ تَعَالَی قَالَ غَیْرَ مَا أَرَاکُمْ تَدْعُونَ النَّاسَ إِلَیْهِ مِنَ الْأَثَرَةِ عَلَی أَنْفُسِهِمْ وَ سَمَّی مَنْ فَعَلَ مَا تَدْعُونَ النَّاسَ إِلَیْهِ مُسْرِفاً وَ فِی غَیْرِ آیَةٍ مِنْ کِتَابُ اللَّهِ یَقُولُ إِنَّهُ لا یُحِبُّ الْمُسْرِفِینَ فَنَهَاهُمْ عَنِ الْإِسْرَافِ وَ نَهَاهُمْ عَنِ التَّقْتِیرِ وَ لَکِنْ أَمْرٌ بَیْنَ أَمْرَیْنِ لَا یُعْطِی جَمِیعَ مَا عِنْدَهُ ثُمَّ یَدْعُو اللَّهَ أَنْ یَرْزُقَهُ فَلَا یَسْتَجِیبُ لَهُ لِلْحَدِیثِ الَّذِی جَاءَ عَنِ النَّبِیِّ ص إِنَّ أَصْنَافاً مِنْ أُمَّتِی لَا یُسْتَجَابُ لَهُمْ دُعَاؤُهُمْ رَجُلٌ یَدْعُو عَلَی وَالِدَیْهِ وَ رَجُلٌ یَدْعُو عَلَی غَرِیمٍ ذَهَبَ لَهُ بِمَالٍ فَلَمْ یَکْتُبْ عَلَیْهِ وَ لَمْ یُشْهِدْ عَلَیْهِ وَ رَجُلٌ یَدْعُو عَلَی امْرَأَتِهِ وَ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ تَخْلِیَةَ سَبِیلِهَا بِیَدِهِ وَ رَجُلٌ یَقْعُدُ فِی بَیْتِهِ وَ یَقُولُ رَبِّ ارْزُقْنِی وَ لَا یَخْرُجُ وَ لَا یَطْلُبُ الرِّزْقَ فَیَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ عَبْدِی أَ لَمْ أَجْعَلْ لَکَ السَّبِیلَ إِلَی الطَّلَبِ وَ الضَّرْبِ فِی الْأَرْضِ بِجَوَارِحَ صَحِیحَةٍ فَتَکُونَ قَدْ أُعْذِرْتَ فِیمَا بَیْنِی وَ بَیْنَکَ فِی الطَّلَبِ لِاتِّبَاعِ أَمْرِی وَ لِکَیْلَا تَکُونَ کَلًّا عَلَی أَهْلِکَ فَإِنْ شِئْتُ رَزَقْتُکَ وَ إِنْ شِئْتُ قَتَّرْتُ عَلَیْکَ وَ أَنْتَ غَیْرُ مَعْذُورٍ عِنْدِی وَ رَجُلٌ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالًا کَثِیراً فَأَنْفَقَهُ ثُمَّ أَقْبَلَ یَدْعُو یَا رَبِّ ارْزُقْنِی فَیَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَ لَمْ أَرْزُقْکَ رِزْقاً وَاسِعاً فَهَلَّا اقْتَصَدْتَ فِیهِ کَمَا أَمَرْتُکَ وَ لِمَ تُسْرِفُ وَ قَدْ نَهَیْتُکَ عَنِ الْإِسْرَافِ وَ رَجُلٌ یَدْعُو فِی قَطِیعَةِ رَحِمٍ ثُمَّ عَلَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ نَبِیَّهُ ص کَیْفَ یُنْفِقُ وَ ذَلِکَ أَنَّهُ کَانَتْ عِنْدَهُ أُوقِیَّةٌ مِنَ
الکافی ج : 5 ص : 68
الذَّهَبِ فَکَرِهَ أَنْ یَبِیتَ عِنْدَهُ فَتَصَدَّقَ بِهَا فَأَصْبَحَ وَ لَیْسَ عِنْدَهُ شَیْ ءٌ وَ جَاءَهُ مَنْ یَسْأَلُهُ فَلَمْ یَکُنْ عِنْدَهُ مَا یُعْطِیهِ فَلَامَهُ السَّائِلُ وَ اغْتَمَّ هُوَ حَیْثُ لَمْ یَکُنْ عِنْدَهُ مَا یُعْطِیهِ وَ کَانَ رَحِیماً رَقِیقاً فَأَدَّبَ اللَّهُ تَعَالَی نَبِیَّهُ ص بِأَمْرِهِ فَقَالَ وَ لا تَجْعَلْ یَدَکَ مَغْلُولَةً إِلی عُنُقِکَ وَ لا تَبْسُطْها کُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً یَقُولُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ یَسْأَلُونَکَ وَ لَا یَعْذِرُونَکَ فَإِذَا أَعْطَیْتَ جَمِیعَ مَا عِنْدَکَ مِنَ الْمَالِ کُنْتَ قَدْ حَسَرْتَ مِنَ الْمَالِ فَهَذِهِ أَحَادِیثُ رَسُولِ اللَّهِ ص یُصَدِّقُهَا الْکِتَابُ وَ الْکِتَابُ یُصَدِّقُهُ أَهْلُهُ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ وَ قَالَ أَبُو بَکْرٍ عِنْدَ مَوْتِهِ حَیْثُ قِیلَ لَهُ أَوْصِ فَقَالَ أُوصِی بِالْخُمُسِ وَ الْخُمُسُ کَثِیرٌ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی قَدْ رَضِیَ بِالْخُمُسِ فَأَوْصَی بِالْخُمُسِ وَ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ الثُّلُثَ عِنْدَ مَوْتِهِ وَ لَوْ عَلِمَ أَنَّ الثُّلُثَ خَیْرٌ لَهُ أَوْصَی بِهِ ثُمَّ مَنْ قَدْ عَلِمْتُمْ بَعْدَهُ فِی فَضْلِهِ وَ زُهْدِهِ سَلْمَانُ وَ أَبُو ذَرٍّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَأَمَّا سَلْمَانُ فَکَانَ إِذَا أَخَذَ عَطَاهُ رَفَعَ مِنْهُ قُوتَهُ لِسَنَتِهِ حَتَّی یَحْضُرَ عَطَاؤُهُ مِنْ قَابِلٍ فَقِیلَ لَهُ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَنْتَ فِی زُهْدِکَ تَصْنَعُ هَذَا وَ أَنْتَ لَا تَدْرِی لَعَلَّکَ تَمُوتُ الْیَوْمَ أَوْ غَداً فَکَانَ جَوَابَهُ أَنْ قَالَ مَا لَکُمْ لَا تَرْجُونَ لِیَ الْبَقَاءَ کَمَا خِفْتُمْ عَلَیَّ الْفَنَاءَ أَ مَا عَلِمْتُمْ یَا جَهَلَةُ أَنَّ النَّفْسَ قَدْ تَلْتَاثُ عَلَی صَاحِبِهَا إِذَا لَمْ یَکُنْ لَهَا مِنَ الْعَیْشِ مَا یَعْتَمِدُ عَلَیْهِ فَإِذَا هِیَ أَحْرَزَتْ مَعِیشَتَهَا اطْمَأَنَّتْ وَ أَمَّا أَبُو ذَرٍّ فَکَانَتْ لَهُ نُوَیْقَاتٌ وَ شُوَیْهَاتٌ یَحْلُبُهَا وَ یَذْبَحُ مِنْهَا إِذَا اشْتَهَی أَهْلُهُ اللَّحْمَ أَوْ نَزَلَ بِهِ ضَیْفٌ أَوْ رَأَی بِأَهْلِ الْمَاءِ الَّذِینَ هُمْ مَعَهُ خَصَاصَةٌ نَحَرَ لَهُمُ الْجَزُورَ أَوْ مِنَ الشِّیَاهِ عَلَی قَدْرِ مَا یَذْهَبُ عَنْهُمْ بِقَرَمِ اللَّحْمِ فَیَقْسِمُهُ بَیْنَهُمْ وَ یَأْخُذُ هُوَ کَنَصِیبِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَا یَتَفَضَّلُ عَلَیْهِمْ وَ مَنْ أَزْهَدُ مِنْ هَؤُلَاءِ وَ قَدْ قَالَ فِیهِمْ رَسُولُ اللَّهِ ص مَا قَالَ وَ لَمْ یَبْلُغْ مِنْ أَمْرِهِمَا أَنْ صَارَا لَا یَمْلِکَانِ شَیْئاً الْبَتَّةَ کَمَا تَأْمُرُونَ النَّاسَ بِإِلْقَاءِ أَمْتِعَتِهِمْ وَ شَیْئِهِمْ وَ یُؤْثِرُونَ بِهِ عَلَی أَنْفُسِهِمْ وَ عِیَالَاتِهِمْ
الکافی ج : 5 ص : 69
وَ اعْلَمُوا أَیُّهَا النَّفَرُ أَنِّی سَمِعْتُ أَبِی یَرْوِی عَنْ آبَائِهِ ع أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ یَوْماً مَا عَجِبْتُ مِنْ شَیْ ءٍ کَعَجَبِی مِنَ الْمُؤْمِنِ إِنَّهُ إِنْ قُرِّضَ جَسَدُهُ فِی دَارِ الدُّنْیَا بِالْمَقَارِیضِ کَانَ خَیْراً لَهُ وَ إِنْ مَلَکَ مَا بَیْنَ مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَ مَغَارِبِهَا کَانَ خَیْراً لَهُ وَ کُلُّ مَا یَصْنَعُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ فَهُوَ خَیْرٌ لَهُ فَلَیْتَ شِعْرِی هَلْ یَحِیقُ فِیکُمْ مَا قَدْ شَرَحْتُ لَکُمْ مُنْذُ الْیَوْمِ أَمْ أَزِیدُکُمْ أَ مَا عَلِمْتُمْ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَدْ فَرَضَ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ فِی أَوَّلِ الْأَمْرِ أَنْ یُقَاتِلَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ عَشَرَةً مِنَ الْمُشْرِکِینَ لَیْسَ لَهُ أَنْ یُوَلِّیَ وَجْهَهُ عَنْهُمْ وَ مَنْ وَلَّاهُمْ یَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ فَقَدْ تَبَوَّأَ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ ثُمَّ حَوَّلَهُمْ عَنْ حَالِهِمْ رَحْمَةً مِنْهُ لَهُمْ فَصَارَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ عَلَیْهِ أَنْ یُقَاتِلَ رَجُلَیْنِ مِنَ الْمُشْرِکِینَ تَخْفِیفاً مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لِلْمُؤْمِنِینَ فَنَسَخَ الرَّجُلَانِ الْعَشَرَةَ وَ أَخْبِرُونِی أَیْضاً عَنِ الْقُضَاةِ أَ جَوَرَةٌ هُمْ حَیْثُ یَقْضُونَ عَلَی الرَّجُلِ مِنْکُمْ نَفَقَةَ امْرَأَتِهِ إِذَا قَالَ إِنِّی زَاهِدٌ وَ إِنِّی لَا شَیْ ءَ لِی فَإِنْ قُلْتُمْ جَوَرَةٌ ظَلَّمَکُمْ أَهْلُ الْإِسْلَامِ وَ إِنْ قُلْتُمْ بَلْ عُدُولٌ خَصَمْتُمْ أَنْفُسَکُمْ وَ حَیْثُ تَرُدُّونَ صَدَقَةَ مَنْ تَصَدَّقَ عَلَی الْمَسَاکِینِ عِنْدَ الْمَوْتِ بِأَکْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ أَخْبِرُونِی لَوْ کَانَ النَّاسُ کُلُّهُمْ کَالَّذِینَ تُرِیدُونَ زُهَّاداً لَا حَاجَةَ لَهُمْ فِی مَتَاعِ غَیْرِهِمْ فَعَلَی مَنْ کَانَ یُتَصَدَّقُ بِکَفَّارَاتِ الْأَیْمَانِ وَ النُّذُورِ وَ الصَّدَقَاتِ مِنْ فَرْضِ الزَّکَاةِ مِنَ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ وَ التَّمْرِ وَ الزَّبِیبِ وَ سَائِرِ مَا وَجَبَ فِیهِ الزَّکَاةُ مِنَ الْإِبِلِ وَ الْبَقَرِ وَ الْغَنَمِ وَ غَیْرِ ذَلِکَ إِذَا کَانَ الْأَمْرُ کَمَا تَقُولُونَ لَا یَنْبَغِی لِأَحَدٍ أَنْ یَحْبِسَ شَیْئاً مِنْ عَرَضِ الدُّنْیَا إِلَّا قَدَّمَهُ وَ إِنْ کَانَ بِهِ خَصَاصَةٌ فَبِئْسَمَا ذَهَبْتُمْ إِلَیْهِ وَ حَمَلْتُمُ النَّاسَ عَلَیْهِ مِنَ الْجَهْلِ بِکِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ سُنَّةِ نَبِیِّهِ ص وَ أَحَادِیثِهِ الَّتِی یُصَدِّقُهَا الْکِتَابُ الْمُنْزَلُ وَ رَدِّکُمْ إِیَّاهَا بِجَهَالَتِکُمْ وَ تَرْکِکُمُ النَّظَرَ فِی غَرَائِبِ الْقُرْآنِ مِنَ التَّفْسِیرِ بِالنَّاسِخِ مِنَ الْمَنْسُوخِ وَ الْمُحْکَمِ وَ الْمُتَشَابِهِ وَ الْأَمْرِ وَ النَّهْیِ وَ أَخْبِرُونِی أَیْنَ أَنْتُمْ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ ع حَیْثُ سَأَلَ اللَّهَ مُلْکاً لَا یَنْبَغِی لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ فَأَعْطَاهُ اللَّهُ جَلَّ اسْمُهُ ذَلِکَ وَ کَانَ یَقُولُ الْحَقَّ وَ یَعْمَلُ بِهِ ثُمَّ لَمْ نَجِدِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ
الکافی ج : 5 ص : 70
عَابَ عَلَیْهِ ذَلِکَ وَ لَا أَحَداً مِنَ الْمُؤْمِنِینَ وَ دَاوُدَ النَّبِیِّ ص قَبْلَهُ فِی مُلْکِهِ وَ شِدَّةِ سُلْطَانِهِ ثُمَّ یُوسُفَ النَّبِیِّ ع حَیْثُ قَالَ لِمَلِکِ مِصْرَ اجْعَلْنِی عَلی خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّی حَفِیظٌ عَلِیمٌ فَکَانَ مِنْ أَمْرِهِ الَّذِی کَانَ أَنِ اخْتَارَ مَمْلَکَةَ الْمَلِکِ وَ مَا حَوْلَهَا إِلَی الْیَمَنِ وَ کَانُوا یَمْتَارُونَ الطَّعَامَ مِنْ عِنْدِهِ لِمَجَاعَةٍ أَصَابَتْهُمْ وَ کَانَ یَقُولُ الْحَقَّ وَ یَعْمَلُ بِهِ فَلَمْ نَجِدْ أَحَداً عَابَ ذَلِکَ عَلَیْهِ ثُمَّ ذُو الْقَرْنَیْنِ عَبْدٌ أَحَبَّ اللَّهَ فَأَحَبَّهُ اللَّهُ وَ طَوَی لَهُ الْأَسْبَابُ وَ مَلَّکَهُ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَ مَغَارِبَهَا وَ کَانَ یَقُولُ الْحَقَّ وَ یَعْمَلُ بِهِ ثُمَّ لَمْ نَجِدْ أَحَداً عَابَ ذَلِکَ عَلَیْهِ فَتَأَدَّبُوا أَیُّهَا النَّفَرُ بِ آدَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لِلْمُؤْمِنِینَ وَ اقْتَصِرُوا عَلَی أَمْرِ اللَّهِ وَ نَهْیِهِ وَ دَعُوا عَنْکُمْ مَا اشْتَبَهَ عَلَیْکُمْ مِمَّا لَا عِلْمَ لَکُمْ بِهِ وَ رُدُّوا الْعِلْمَ إِلَی أَهْلِهِ تُوجَرُوا وَ تُعْذَرُوا عِنْدَ اللَّهِ تَبَارَکَ وَ تَعَالَی وَ کُونُوا فِی طَلَبِ عِلْمِ نَاسِخِ الْقُرْآنِ مِنْ مَنْسُوخِهِ وَ مُحْکَمِهِ مِنْ مُتَشَابِهِهِ وَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ فِیهِ مِمَّا حَرَّمَ فَإِنَّهُ أَقْرَبُ لَکُمْ مِنَ اللَّهِ وَ أَبْعَدُ لَکُمْ مِنَ الْجَهْلِ وَ دَعُوا الْجَهَالَةَ لِأَهْلِهَا فَإِنَّ أَهْلَ الْجَهْلِ کَثِیرٌ وَ أَهْلَ الْعِلْمِ قَلِیلٌ وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ فَوْقَ کُلِّ ذِی عِلْمٍ عَلِیمٌ
بَابُ مَعْنَی الزُّهْدِ
1- عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّکُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قُلْتُ لَهُ مَا الزُّهْدُ فِی الدُّنْیَا قَالَ وَیْحَکَ حَرَامَهَا فَتَنَکَّبْهُ
2- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْجَهْمِ بْنِ الْحَکَمِ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع لَیْسَ الزُّهْدُ فِی الدُّنْیَا بِإِضَاعَةِ الْمَالِ وَ لَا تَحْرِیمِ الْحَلَالِ
الکافی ج : 5 ص : 71
بَلِ الزُّهْدُ فِی الدُّنْیَا أَنْ لَا تَکُونَ بِمَا فِی یَدِکَ أَوْثَقَ مِنْکَ بِمَا عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ
3- مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ مَالِکِ بْنِ عَطِیَّةَ عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ خَرَّبُوذَ عَنْ أَبِی الطُّفَیْلِ قَالَ سَمِعْتُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ ع یَقُولُ الزُّهْدُ فِی الدُّنْیَا قَصْرُ الْأَمَلِ وَ شُکْرُ کُلِّ نِعْمَةٍ وَ الْوَرَعُ عَنْ کُلِّ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ